- هل يخون الجسد؟
منذ اللحظة التي استيقظت فيها مالون صباح الأحد ،شغل هاريس ذهنها ، انها تحبه وهي حقيقة لن تتبدد. الشي الغريب الوحيد هو إدراكها ما يجري داخلها؟ لقد ابتدأ الامر منذ الاسبوع الاول الذي عرفته فيه!
حدثتها بذلك لحظات الخجل تلك ، وانعقاد لسانها . ولكن ، ما اجمل أن تراه. هذا هو السبب الذي يجعلها قلقة أحياناً. هذا هو السبب .. ووجدت نفسها تسترجع عناقه ولمساته.
ما الذي جعلها تظن ان شعورها ذلك نحو كيت مورغان كان حباً؟ لقد جرحها حينذاك، لكن أتراه كان جرحاً لكرامتها فقط ؟ ربما تألمت قليلاً حين تبين لها أنه متقلب المشاعر ومن طينة أمبروز جنكنز و ابنه لي.
ومهما يكن ، باتت تعرف الآن قوة مشاعرها نحو هاريس .. حبها له .. إن ما شعرت به نحو كيت لم يكن حباً.
تركت سريرها لتغسل وجهها وترتدي ثيابها، متسائلة عما إذا كانت، حينذاك، تفتش عن عذر ما كيلا تذهب مع كيت .
لكن كيت كان بعيدا عن ذهنها عندما فتحت باب غرفتها ، فتوقفت قليلاً وجذبت نفساً عميقاً
أدركت من الاصوات الصادرة من الاسفل ، ان هاريش مستيقظ ويجول في الانحاء. ومرت لحظات شعرت فيها باضطراب في مشاعرها ، فهي تريد أن تراه ، ومتلهفة إلى ذلك ، ومع ذلك تشغر بخجل ساحق تعجز معه عن الحركة.
لكنها أدركت انها لا تستطيع ان تقف مترددة خجلى طوال النهار ، جذبت نفسا عميقاً وانطلقت دون فكرة عما ستقوله له. لقد كذبت عليه الليلة الماضية حين أخبرته بأنها لا تريده أن يعانقها مره ثانية.
ولكن ، رباه ، كم كانت تريده أن يعانقها ويستمر في ذلك ...! لقد ايقظ فيها الشوق إلى الحب لو انه رفض ان يصدق كذبتها فهي لا تعرف ما كان سيحدث لم تكن خائفة على الاطلاق... إنها واثقة تماما منه.
إن مأزق مالون، بعد ذلك العناق الحميم الذي جرى بينهما الليلة الماضية ، سرعان ما تبخر عندما دخلت المطبخ خجلى من النظر إليه، واذا بنظراتها تقع على حقيبته التي يعدها لعطلة الاسبوع، على المائدة مع مفاتيح سيارته!!
كاد الخوف يعصف بها كل شي واضح ... هاريس على وشك الرحيل.
اندفعت تقول له دون تفكير :" ليست بحاجة إلى الرحيل بسببي".
حالما صدرت عنها هذه الكلمات ،تمنت لو تسترجعها لكن الوقت فات ، تمنت لو تهرب وتختبئ ، لكن هريس كان يبتسم :"بسببك؟".
لكنها تدرك انه فهم جيداً ما تعنية، رغم ان الاضطراب حال دون ان تعلم ما إذا كان يغيظها . لكن الغزل الذي دار بينهما ليلة أمس جعلها تقول بابتسامة عريضة :" إذا وعدتني بألا تدخل أي غرفة، مره أخرى ، من دون أن تطرق بابها أولاً، أعدك انا بألا اتبختر مره أخرى ، هنا وهناك ".
بادلها الابتسام، ثم تلاشت ابتسامته وهو يسألها بجد بالغ :" هل نمت جيدا؟ دون نتائج سيئة "؟.
لم تنم جيداً، ولكن ليس بسبب القلق أو الخوف . فما كانت خائفة منه الأن هو أن تفضح مشاعرها نحوه.
وعندما تأخرت في الجواب باحثة عن كلمات حيادية ، قال " مالون العزيزة ، يجب أن تنامي جيداً. أنت لم تكوني قط في خطر".
إذكا كان يحاول أن يهدئ من أي مخاوف تملتكها ، فهي لم تشكره لهذا ، وكأنه يقول لها انها لو لم تتوقف عن غزلهما ، لفعل هو، وإما انه يقصد انها لا تتمتع بأي جاذبية .
بكبرياء يائسة وجدت نفسها تقول بابتسامة عريضة ، دون أن تهتم بأنها نزلت من غرفتها فقط لتجعله يعلم بانها لا تهتم مثقال ذرة لمصيره " لا بأس إذن، ما تريدني أن اخبر السباك غداً"
تجرأت على النظر إليه ، فخيل لها أنها راي لمحة إعجاب في عينيه لسلوكها لكنها لم تكن تثق تماما بمخيلتها، فبقيت متمالكة نفسها حين أجاب:" أخبريه فقط بأننا، نتيجة إهماله، كدنا نقع في مشكلة ".
اضطرت مالون إلى الضحك ، وقد ظنت أن هذا ما أراده هاريس منها، ولكن في اللحظة التالية ، فارقتها كل رغبه في الضحك لانه كان يتناول حقيبته ومفاتيح سيارته.
- انتبه أثناء القيادة .
دفعتها كبرياؤها إلىأن تودعه بهذه الكلمات ، فكان جوابه أن عانقها بسرعة، مودعاً، ثم خرج..
لم تعرف مالون كم بقيت واقفه بعد ذهابه ويدها علىقلبها الذي راح يتخبط بين ضلوعها ، ادركت انها وهي التي لم يحدث أن تشوقت لصحبه أحد ما ، شعرت الآن بالوحدة.
تحملت عبء النهار، وصوره هاريس لا تكاد تغيب عن ذهنها . أليس من المفترض أن يكون الحب مصدر بهجة ، افترضت أن هذه الكلام صحيح إذا كان الحب متبادلا .
يوم الاثنين ، اصلح السباك الاعطال في الغرفتين. وأطل يوم الثلاثاء فجاء مهندس ليصل خط الهاتف فشكل ذلك مفاجأه حسنة . لم يكن هاريس .
قد ذكر شيئاً عن تقدمة بطلب من الشركة .
استغلت مالون الهابف تلك الليلة للإتصال بأمها و إعطائها رقم الهاتف مستمتعة بحديث طويل معها. كانت أمها سعيدة للغاية ، فأثلح ذلك قلب مالون للمره الاولى منذ وفاة أبيها.
مرت الايام التالية ، مع حلول الجمعة ، شعرت مالون بمزيج من الاضطراب والتوقع . جاء هاريس يوم الجمعة الماضية ، وربما سيأتي هذا الاسبوع ايضا.
وذهبت إلى سريرها ، تلك الليلة ، شاعره بخيبة أمل ، فهو لم يتصل بها ، وأتي السبت مشرقاً ولازم مالون الشعور نفسه تقريباً. رما يأتي هاريس اليوم !
لكنه لم يأت أيضاً ، ولا في اليوم التالي، وبقي الهاتف صامتاً طوال العطلة ، عانت مالون كثيراً من آلام الشوق لرويته، إذا سكن تفكيرها باستمرار,
استحال الطقس المشمس إلى موجة حرارة ، وابتدأت مالون تتطلع إلى العطلة ، أمله أن يبقى الطقس لدى مجئ هاريس جيداً، وتملها الشلك في قضائة وقتاً طويلاً ، خارج البيت .
عندما خرج العمال يوم ، الاثنين ، أحضرت المكنسة و أخذت تنظف غرفة الاستقبال لتزيل عنها الغبار ، ودخلت غرفة الجلوس باكراً صباح الثلاثاء، لتطمئن إلى مظهر الغرفة ، عندما سمعت رنين الهاتف لأول مره ، فقفزت من مكانها.
ذهبت لتجيب وقلبها يخفق، رغم أنها حدثت نفسها بأن المتصل قد يكون أمها.
أجابت بصوت هادئ، فأخذ قلبها يخفق بعنف حين عرفت صوت المتكلم .
سألها هاريس بهدوء - هل تسير الامور كما يجب؟.
- لم يحصل مشاكل .
أجابت باسمة .. لم تستطع أن تمنع نفسها من ذلك .
- هذا حسن .
و أحست أنه على وشك إنهاء المكالمة ، فتلهفت إلى معرفة ما إذا كان سيحضر في العطلة القادمة، لكنها لم تستطع .
- كيف حال الطقس عندك ؟
- أظنكم تعانون من موجه الحر التي نعاني منها هنا.
تكلفت المرح وهي تخبره:" أنجز النجارون عملهم بشكل جميل جداً، اتريد أن تتحدث إلى بوب؟ أظنه قريباً من هنا ، يمكنني أن أذهب واخبره........."
- لا حاجة لذلك، ما دمت تنفين وجود مشاكل و انا واثق من ان هذا هو الواقع.
أجاب بذلك ثم أقفل الخط ، وضعت مالون السماعة وقد اعترتها المشاعر المربكة إلى حد انها شعرت، بان عليها أن تكون وحدها ، فصعدت إلى غرفتها و اغلقت الباب خلفها.
عندما استعادت تمالكها لنفسها ، خرجت من المنزل لتتمشى ، شاعره بأن حبها لهاريس جعلها ضعيفة . انها ضعيفة ولكن كرامتها منعتها من اظها ر اي دليل على شعورها نحوه ولا ومضة سرور حتى ،
عادت إلى المنزل ، كانت تأم ل في ان يحسن التنزه مزاجها ، لكنه لم يفعل ولكن عندما نظرت من نافذة المطبخ وقت الغداء ورأت سيارة هاريس تتوقف لتوها، ارتغعت معنوياتها.
احمر وجهها لفيض مشاعرها ، وشعرت بالسرور لان وصوله إلى المطبخ سيستغرق دقيقة أو اثنتين يمكنها، في اثناءهما ، ان تتمالك نفسها.
كيف ستحييه ؟ مرحباً أيها الغريب؟ لا. اليوم ليس الجمعة أو السبت ، أليس كذلك؟ لا.
تبددت أفكارها في الهواء عندما دخل هاريس حاملاً سترته بيده ، فسألته وقلبها يخفق بقوة لشده ما تحبه :"هذا تفعل هنا؟ لا أقول إنه لا يمكنك الحضور فأنت صاحب البيت ".
قالتها بمرح واطلقت ضحكة صغيرة .
لم يضحك هاريس، ولا ابتسم جتى وهو يقول :" لدي مشكلة أود أن اناقشها معك".
تملكها الحذر على الفور،لقد ادركت أنه سيطلب منها الرحيل ، لكنها لا تريد أن ترحل ، ليس الآن ، ليس وهي تعلم انها تحبه . هل هذا هو الامر؟ هل أحس بحبها له ؟ وهل لهذا قدم شخصياً ليطلب منها الرحيل ؟ وسرعان ما استجعمت كبرياءها، ربما يظن أنها تحبه، لكنها ستحرص على أن تجعله يشك تماماً في ذلك.
- كنت على وشك أن أعد لنفسي شطيرة وفنجان القهوة، هل أنت مستعجل ؟
إنها هنا لأداء وظيفة مؤقته على كل حال . ستخبره بذلك . هل ينبغي أن تخبره أولاً انها راحلة قبل أن يطلب منها الرحيل ؟ ربما عليها أن تفعل ذلك .
- لا بأس بشطيرة .
أجابها بإتزان ، فأخرجت الخبر والزبده و الجبن واللحم .. ثم أعادت التفكير. أنها غارقة في حبه. ولهذا، عليها ألا تتعجل ... ربما لم يأب ليأمرها بالرحيل
ربما ....... ولكن لماذا........؟
أعدت طبقاً من الشطائر لهما ، لكنها سرعان ما فقدت شهيتها .
عندما جلسا إلى المائدة ، سألته :" و الآن ، ماهي المشكلة .؟ أرجوا ألا تكون خطيرة".
وضع شطيرة في صحنه ثم نظر إليها :" إنها تتعلق بأختي فاي".
تملكها الارتياح، لا يبدو أن هاريس سيطلب منها الرحيل. فردت بصوت هادئ
:" أختك ".
- اتصلت بي فاي بعد أن اتصلت بك بقليل. وبعد ذلك ، خطر في بالي أنها قد تزورك إذا حدث ومرت بالجوار.
لم تفهم مالون ما يعنيه. من الواضح أن فاي ستتجه إلى بيتها "ألمورالودج" ولكن هل يعني كلامه أنه لا يريد ان تعلم أخته بوجود مالون في " هاركورت هاوس"؟ أتراه ، فعلاً يطلب منها الرحيل؟
جعلها عدم شعورها بالأمان تهاجمه بقولها:" أما كان بإمكانك أن تعود فتتصل بي وتحدثني بالأمر؟".
فنظر إليها بجد :" الامر ليس بهذه البساطة".
- ولماذا تأتي أختك إلى هنا لتراني؟
وتملكها الانزعاج فجأة فهتفت بسخط شديد :" تريدني ان أخبرها أي فاسق هو زوجها ، هذا هو الأمر، أليس كذلك؟ حسناُ ، طبعاً لن أفعل ! وشكراً لفكرتك السامية عني".
وإذا بشاعرها تهمد وهو يجيب :" ولأن فكرتي سامية للغاية فضلت أن اترك عملي وآتي إليك بنفسي بدلاً من الاتصال بك ".
أواه هاريس! إن فكرته عنها سامية للغاية !
- إذن... ما .. ما هي ... المشكلة ؟
- المشكلة هي أن اختي ، رغم ذكائها ، مازالت مغرمة بذلك ال**************** الذي تزوجته . حاولت أن اجعلها ترى الحقيقة ، لكن الامر أفلح فقط في غرس بذور العداوة بيننا. لذا ، اضطررت حالياً إلى اتخاذ موقف المتفرج، العاجز عن القيام بشئ سوى أن أساعدها عندما تكون بحاجة إلى ذلك .
- وهل ... تشعر انها بحاجة إلى المساعدة الآن ؟
- المشكلة هي أن فاي، التي تأمل في إنقاذ زواجها ، سمعت بأن لدى زوجها خليلة . وكانت على وشك الانهيار عندما اتصلت بي هذا الصباح وهي تريد أن تعلم لما خذلتها أنا بوضعي خليلة زوجها في بيتي..........
وسكت فجأة ، لكنه كان ينظر مباشرة في عيني مالون الجادتين وهو ينهي كلامه :"هنا"
فهتفت مالون وهي تفتح فمها ذاهلة :" أنا؟ هل أخبرها هو... أنني كنت خليلته؟"
- أمر لا يصدق، أليس كذلك؟
فشهقت :" له من حيوان".
ثم تذكرت أخر مره رأته فيها فانفجرت تقول :" إنه ذنبي".
- أنت فعلت ذلك ؟
فاندفعت تقول :" إنه ينتقم مني. لقد رأيته...."
فقاطعها بحدة بالغة:" متى ؟ متى رأيته؟ هل جاء إلىهنا مره آخرى؟"
- لا ... كان ذلك ... السبت الماضي.
- بعد أن قلت له بألا يأتي إلى هنا مره أخرى؟
فأومأت :" كنت أتمشى، وتحديته لأثبت لنفسي أنني لست خائفة".
كان صوته أهدأ ، حين سألها بلطف :" بماذا شعرت حين رأيته؟"
ابتسمت وردت :"لم أخف بل غضبت ، وقل له إنه بغيض ، وأنه اذا اقترب مني مره أخرى سأشكوه إلى الشرطة ، وإنني لا انزل من قدري بالحديث إلى أمثاله .
- هل قلت ذلك ؟ وكيف كان نومك؟
بما أن هاريس يحتل دائما ذهنها لانها تحبه كان جوابها:" منذ ذلك الحين ، لم يعاودني أي كابوس . لكن لنعد إلى الموضوع الاساسي،إذا زارتني أختك ، فسأخبرها أنني لست خليلة زوجها........"
فقاطعها :" ليست مضطرة لذلك ".
ولكن الغريب أنه سكت لحظة ثم عاد يقول:" لقد سبق وأقنعتها بذلك ".
سألته "و.... هل صدقتك ؟ هكذا بكل بساطة ؟"
كانا يتحدثان عن أمراة مغرمة بزوجها . هل ستصدقه فاي من دون برهان، خصوصا و ان تلك الخليلة المزعومة تسكن على بعد أميال قليلة منه؟
وسألته :" كيف؟ كيف أقنعتها؟"
أدركت بالغريزة أن جوابه لن يعجبها. وكان إحساسها صادقاً ، رغم تمهيده له بقوله :" كما سبق وقلت ، كانت فاي على وشك الاصابه بنوبه هستيرية . الطريقة الوحيدة التي استطعت التفكير قيها لتهدئتها هو أن أقول لها إنك لست عشيقته ... بل عشيقتي أنا".
حدقت مالون في مذهوله :" عشيقة ؟"
ثم انفجرت به :" هل قلت عشيقة ؟ هل أخبرت أختك أنني........."
لم تستطع أن تصدق ذلك عادت تسأله والشرر يتطاير من عينيها:
- بماذا حدثتها لكي تصدق؟
قابل هاريس نظراتها بجمود، لكنه أجاب:" حاولت أن ألتزم بالحقيقة قدر الامكان"
فانفجرت بعداء :" آه ، هذا واضح".
- كنت مخطئاً وانا أعلم ، لكنها كانت مجروحة ، وقد اعتدت أنا على التخفيف من آلامها لأجعلها تشعر بتحسن عندما تكون على شفير الانهيار. أظنها عادة متأصلة في نفسي.
شعرت مالون بأنها ابتدأت تلين ، فقوت نفسها ، انه فاحش، قما أخبر به أخته هو فحش وشناعة فسألته بحده "وهكذا"؟
- أخبرتها أنك عملت مع فيليبس بضعة أسابيع عندما كان خارج البلاد معظم الوقت ت، وانك تركته عندما عاد إلى البيت وحاول أن يغريك .
- حسناً تابع كلامك .
تكلمت بجفاء فتابع :" قلت لها إنني كنت ماراً بسيارتي ، وعندما وجدتك عرضت أن أوصلك إلى المحطة ، ولكن قبل أن نصل إلى هناك عرضت عليك العمل عندي هنا .. وهكذا .. سارت الأمور بيننا".
- وكانني مومس أخرج مع أي كان...
فقاطعها بحدة : لست كذلك!.
- ليس تماماً!
صرخت به ثم منعها الغليان من أن تحتفظ على هدوئها ، فاندفعت واقفة .. وكذلك هو . وعندما تواجها ، انفجرت قائلة :" إذن ، أدركت ، بعد اتصالك بي ، أن اختك قد تأتي إلى المنطقة لكي تتوصل إلى حل مع زوجها ، وقد يخطر في بالها أن تزورني . وبما أنك لن تستطيع احتمال الامر، سارعت الى المجئ......."
- أردت أن اخبرك بالأمر شخصياً
- وفعلت.
قالت هذا بحده ، ومنعها الغضب من متابعة الحديث، فأعلنت غاضبة
- أنا ذاهبة لأتمشى.
وعند الباب نظرت إليه من فوق كتفها :
- إذا كان لديك أدنى لياقة، فآمل ألا تكون موجوداً عندما أعود.
واخذت تسير بسرعة ، ولكن حرارة الجو أرغمتها بعد خمس دقائق على التمهل . لا تزال غاضبة من هاريس ، لماذا لم يخبر أخته بالحقيقة ؟
إن التفكير في ألم فاي أضعف عزيمة مالون ، مسكينة فاي ، كانت تأمل ان تتصالح مع زوجها .. نبذت مالون هذا الضعف من نفسها، أرادت ان تبقى غاضبة فحتى لو كان هاريس يهتم بأخته إلى أن هذا لا يعطية الحق في ان يقول بها أمورا مماثلة لمجرد تهدئتها وليشعرها بالتحسن .
سارت مالون مسافة ميل حينادركت انها اخذت تشعر بالهدوء.أخذت تتساءل عما جعلها تغلي غضباً بهذا الشكل ؟ صحيح انها لاتريد أن تكون خليلته ، لكن هذا التدبير سيكون رسمياً، فهي تعلم انها ليس كذلك.وهو يعمل ذلك أيضاُ ولكنها قالت له أنها تأمل عند عوتها أن يكون قد رحل .
استدارت عادة إلى المنزل وهي غاضبة منه قليلاً.رما لا تشعر نحوه بأي مودة حالياً
إلا انها تحب ذلك الرجل القاسي ، إذا رحل ، فالله وحده يعلم متى يعود.
كانت في طريقها إلى البيت عندما تجاوزتها سارة لم تعرفها مالون وعندما وصلت إلى هاركورت هاوس، لم تهتم بها كثيراً ،فهناك دوماً سيارات باعة تتوقف في هذه الانحاء، على اي حال ، سيارة واحدة يهمها أن تراها وهي موجوده في الباحة .
تنفست الصعداء . . لابد أن هاريس سمعها قادمة فخرج فجأة من غرفة الاستقبال .
كانت تنوي أن تذهب إلى المطبخ دون أي كلمة ، عندما نادها هاريس .
- مسرور لعودتك ، فلدينا زائرة.
توقفت مالون عن السير. تلك السيارة الجميلة المتوقفة في طريق المنزل، جدالها مع هاريس هاريس إضافة إلى الزائرة . . ابتدأ كل ذلك يعني لها شيئاً.
- ماأجمل هذا!!
قالت بهلجة ساخرة ، غير واثقة من مكان فاي
وجدت إمراة طويلة سمراء تصغر هاريس بنحو عشر سنوات، تنظر إلى الباب عندما دخلا
- لابد انك مالون.
ورغم أنها حيتها باسمة ، إلا أن مالون رأتها حزينة ضعيفة ، مالم تكن مخطئة فإن الاحمرار في عينيها يشير إلى انها كانت تبكي.
قدمهما هاريس إلى بعضهما البعض، فابتسمت لها مالون ببشاشة ، قائلة
- مرحباً . أشفة لانني لم أكن هنا لحظة وصولك . كنت أتنزه قليلاً".
فقال هاريس :" بينما كنت أنا اتفقد المبنى".
- كان علي أن أخبرك بأنني سأمر
قالت فاي معتذرة لمالون ... وترددت قليلاً ثم أضافت
- ربما تكهنت بانني كنت ذهبة لأري زوجي"
- هذا ما ظننته
لم تجد مالون فائدة في الادعاء، لكنها لم تشأ ان تستمر أخت هاريس في الكلام عما كان مؤلماً لها للغاية . فسألتها
- هل أكلت شئيا؟ يمكنني أن أحضر لك ......"
فابتسمت فاي :" لا استطيع أن آكل شيئاً"
- ولكن يجب ألا تتعجلي بالذهاب ، ارجوك
رأت مالون المرأة بحاجة ماسة إلى جرعة مهدئ للأعصاب
- آه ، هذا لطف منك . المكان يوحس بالسكينة والسلام .
فقال هاريس :" يجب أن تمكثي هنا قدر ما تشائين".
- هل أنت واثق؟
والتفتتإلى مالون :" في الواقع، أشعر وكانني شبه محطمة ، لدي أجتماع في لندن غداً صباحاً إلا أنني لا أمانع في أن أرتاح ليلة هنا . هل يناسبك ، يا مالون؟ لقد قال هاريس أنه جهز غرفتين صالحتين للسكن رغم قلة أثاثهما وحاجتهما إلى الدهان".
أخذت مالون تفكر بسرعة في إعطائها غرفة هاريس ، عندما أجاب عن سؤال أخته
- طبعاً لم لا تبقي . ستتمكنان، بذلك ، من التعرف إلى بعضكما . أليس كذلك يا مالون؟
- يسرني جداً أن أنعم بصحبتك.
طمأنتها مالون ، مدركة أن لا خيار لها ما دامت فاي تعلم بعملها السابق مع زوجها فيليبس، وعلاقتها بهاريس ، ونظر هاريس إلى ساعته ثم قال
- علي أن أعود إلى لندن
فهتفت أخته معترضة :" آه ، لا يمكنك".
سألها مداعباً :" لا يمكنني؟"
- لقد جشت لتكون مع مالون، سأشعر بالكدر إذا ما عدت إلى لندن بسببي. يمكنني أن أنام في الغرفة الآخري، أليس كذلك يا مالون؟ ثم ...
وسكتت ، بدت المرأة على وشك البكاء مره أخرى فلم تحتمل مالون الوضع لانها رأت أن فاي أحضرت معها حقيبة صغيرة لقضاء ليلة واحدة في آلموزالودج فقالت ببشاشة
- يمكنك بكل تأكيد.
ونظرت إلىهاريس ، متوقعة منه أن يلح برفق، على ان لديه عملاً في لندن لا يحتمل الإرجاء
لكنها ذهلت حين قال :" لا يمكننا أن ندع فاي يتملكها هذا الشعور، أليس كذلك يا مالون؟ على الامور المالية في لندن ان تنتظر"
كانت مالون تحق فيه دون ان تفهم ، عندما قالت فاي إن الغرفة لا بد غير جاهزة ما داما يجهلان أنها قادمة ، وأخذت تصر على أن ترتب السرير بنفسها عندئذ فقط ، تبينت مالون ان الغرف الاخرى في المنزل مازالت غير صالحة للسكن .
كادت تلح على فاي بأن تنام في غرفة الضيوف اي غرفتها ، واذا بها تدرك ،مجفة ، ان هناك سريراً واحداً في البيت
التقت عيناها بعيني هاريس، وادركت من الطريقة التي بادرها بها النظر ، أنه هو ايضا لم يحسب حساب تقسيم سريرين على ثلاثة أشخاص
فقالت - لايمكن أن أجعلك تقومين بذلك
وجدت نفسها تجيب بذلك على إصرار فاي على ترتيب سريرها بنفسها، وهي تدرك تماما أن فاي تظن انهما ينامان في غرفة واحدة . انتظرت من هاريس أن يتدخل ، وعندما لم يفعل، بدأت تغضب . لكن مالون كانت تعلم أن افضل طريقة لإقناع فاي بأنها لست خليلة زوجها ، هي بجعلها تعتقد أنهما، هي وهاريس ينامان في سرير واحد، لذا جاهدت لتكبت غضبها وتقول:"بما أنني أتصبب عرقاً لانني كنت أتنزه ، فلا أمانع إذا ذهب أحدكما غلى السوق بدلاً مني".
ردت فاي على الفور :" أنا سأذهب".
ولكن ، قبل أن تفكر مالون في ما ستقوله لهاريس عندما يصبحان بمفردهما بادر هو إلى الذهاب مع أخته إلى المدينة ، قائلا لمالون
- من الافضل أن تعطيني قائمة المشريات.
يجب أن تعطيه ضربة على رأسه ! كتبت القائمة ثم ناولته إياها . قرأ البند الاول ولوى شفتيه، لانه كان يتضمن عباة ( أكرهك).
وعندما توجهت فاي نحو الباب، تقدم هاريس من مالون وهمس في أذنها
- أتعدينني بأن تكوني هنا عندما نعود؟
ارتجفت في داخلها لقضبه يديه القوية وانفاسة الحارة على خدها ، لكنها صرت على اسنانها وهي تقول له بصوت خافت
- لا تحاول إغرائي بالذهاب.
وعندما تراجع ، ابتسمت لفاي تودعها .
بعد ذهابهما ، وقفت للحظة واعترفت بأن الامر يغريها بالرحيل ، لان ذلك الغول الرهيب كويليان يستحق ذلك . ولكن ليس لدها مكان آخر تذهب إليه إلا إذا ارادت اللجوء إلى امها وزوجها ، كما انها تحب ذلك الغول الرهيب.
نقلت مالون ادوات زينتها، مع اشيائها الأخري، من حمامها وغرفتها إلى حمام وغرفة هاريس، تاركة أشياء في الخزانه و الادراج يمكن تفسير وجودها بانها وضعتها مؤقتاً بانتظار إتمام تجهيز الغرفتين .
فرشت السريرين لملاءات نظيفة، بينما ازدادت ثقتها بأن هاريس سيتمكن من إعطاء تفسير وجيه لفاي وهما في الخارج ، فيمكنه أن يفرش غطاء السرير على الارض لينام عليه.
ولكنها سرعان ما نبذت هذه الفكرة ، فلن يصل الامرإلى هذا الحد بالرغم من أن فاي تعيسة وأن هاريس يبذل جهده في مراعاتها والاهتمام بها، إلا ان مالون كانت تزداد ثقة بأنه سيخبرها الحقيقة .
ربما سيضحكون جميعاً للأمر قبل أن يعود إلأى لندن . أخذت مالون تفكر في ذلك وهي تستحم في حمام هاريس، اقفلت الباب عليها . وابتسمت لنفسها لعلمها ان لا ضروره لقلقها منه .
وعندما انتهت من ارتداء ملابس نظيفة ، تذكرت ان كييفين تعود ان ياتي إلى المطبخ في مثل هذا الوقت لشرب الشاي.نزلت إلى المطبخ لتحضر له الشاي.
كان الشاي قد جهز للتو عندما مرت سيارة هاريس أمام نافذة المطبخ، فأعلن كيفين
- ها قد جاء الرئيس. سآخذ الشاي إلى الخارج ثم اذهب لتفقد الجياد، اتريدين ان لحظر لك شيئاً معي؟.
- ليس اليوم.
أجابته بابتسامه ، وكانت تصب الشاي له عندما دخل هاريس واخته حاملين أكياس التسوق.
نظرت مالون إلى هاريس وفاي، فلم يبد عليهما أن الحقيقة انكشفت الآن.. وانتظرت
قالت لها فاي بابتسامة مصطنعة وهي تناولها باقة جميلة من الازهار الصفراء
- قال هاريس أنك تحبين الازهار".
- شكراً ، ما اجملها.
هتفت مالون وهي تأخذها منها، وانتظرت .... لا شي بعد
- حضرت الشاي
- هل أحضر حقيبتي أولاً؟
بدا لمالون أن المرأة المسكينة كانت مترددة بشأن قضائها الليل مع زوجها في " آلموزا لودج"
وعندما خرجت فاي، سألت مالون هاريس :" هل أخبرتها؟"
- أخبرتها بماذا؟
- بالحقيقة عن ......؟
- عن فيليبس؟ عن أن زوجها ، الذي سلب عقلها حاول اغتصابك ، والله وحده يعلم ما كان سيحصل لو انك لم تهربي؟ أنت ترين حالتها الآن. ماذا سيحصل لها برأيك لو عرفت ؟
تبدد غضب مالون وسألت هاريس رافضة الهزيمة:" ألا تظن أن لديها فكرة عما يمكنه أن يفعل؟".
- أشك في ذلك . لكنها سمعت عنه مؤخراً ما في الكفاية . وقد فعلت انا ما بوسعي.. وعليها الآن ان تغربل كل شي على مهل ..
- وهل ستفعل ذلك ؟
- ستفعل . لديها عقل راجح، وستدرك أنها كانت عمياء بالنسبة إلى فيليبس.
نظر هاريس إلى مالون بجد، ثم تابع قائلاً:"كدنا، انا وفاي، نصبح عدوين. لم تستمع إلي عندما أخبرتها ببعض الحقائق عنه ، ومنذ ذلك الحين ، اضطررت إلى كبح شعوري إزاه لأن........"
- لانك تريدها ان تعلم بأنك موجود لمساندتها عندما تدرك اخيراً الحقيقة .
- آه يامالون .... انت متفهمة .
تمتم بذلك ، فنسيت تماما لماذا كانت غائبة منه ، وانها كانت غاضبة منه أصلاً واضاف برقة
- في الواقع ، بقدر ماتتمتعين خارجياً بجمال رائع ، لديك جمال داخلي يقتلني مره بعد آخرى"
حدقت مالون فيه وقلبها يخفق بسرعة. هل يظنها كذلك حقاً؟ شعرت بركبتيها واهنتين ، لكنها سرعان ما ادركت ان فكرة حبه لها لا تزال بعيدة عنها أميالاً
إذا كانت لا تريده أن يعلم وقع كلماته عليها ، فعيها ان تتظاهر بالحدة
- واين ستنام الليلة إذن ؟
نظر إليها ما زاد في غيظها ، وبدلا من ان يبدو عليه الهمود لاح في عينيه الهزل وهو يقول
- مالون... انت لا تريدينني أن انام في سيارتي، أليس كذلك ؟
فقالت بأحلى ابتسامة لديها واعذب صورت :" طبعاً لا ".
ثم تبددت تلك الحلاوة وقالت بحدة :" لانني أفضل أن تنام في المجاري"
انفجر ضاحكاً ، في هذه اللحظة دخلت اخته ، نقلت مالون اهتمامها إلى فاي
- غرفتك جاهزة ، وسأصعد معك ، إذا شئت ، بينما يفرغ هاريس أكياس المشتريات.
رغم كل ما حدث، كان العشاء تلك الليلة لذيذاً. وجدت مالون أن فترة العشاء مرت من دون توتر لانهم، هم الثلاثة ، حرصوا على تجنب ذلك .
كانت تعلم انها تقوم بجهد ، فتعاطفها مع فاي جعلها تكبت قلقها لاضرارها إلى تقاسم غرفة هاريس.
لقد فتشت عبثا عن بديل ووجدت في الواقع الكثير ، كأريكة الاستقبال ، مفرس السرير أو إحدى الغرف. حتى فكرت في وضع الغطاء على أرض الحمام.. ونظراً لطول هاريس، لم تستطع احتمال ان تجعله يعاني من ذلك .
كانت فاي أيضاً تبذل جهدها ، فثرثرت ببشاشة ، متجاوبه ، بوجه مشرق، مع حديث هاريس الحيوي. وإذا غامت عيناها أحيانا في لحظة شرود ، وبان عليها تحطم القلب والضعف ، فسرعان ما كانت تعود لتمالك نفسها وللتنبه إلى مكانها فتعود إلى بشاشتها وتألقها السابقين .بعدالعشاء انتقل الثلاثة إلى غرفة الاستقبال لمشاهدة برامج التلفزيون ، ولكن بدا أن ذهن فاي مشغول عن الشاشة الصغيرة ، فقالت وهي تقف
- سأخلد إلى النوم مالم يكن لديكما مانع، علي أن استيقظ باكرا في الصباح
فسألتها مالون : " اتريدين شراباً ساخناً تأخذينه معك ؟"
- لا شكرك لذلك .
واغتصبت فاي ابتسامة :" ما دمت سأستيقظ باكراً، سأحضر لكما فنجاني قهوة إلى غرفتكما قبل أن أذهب.
وبينما نوت مالون أن تستيقظ قبل الطيور عند الصباح ، تمنت فاي لهما ليلة سعيدة ثم خرجت صاعدة إلى غرفتها .
كانت مالون تعلم انها لن تستطيع الاستمرار في مراقبه التلفزيون . وبعد خمسة دقائق تخلت عن التظاهر بالتركيز على البرنامج ، والتفتت إلى هاريس، وإذا بها تجده يراقبها هي وليس التلفزيون
وقف بصمت ثم أطفأ الجهاز و راح ينظر إليها
- ستكونين بخير معين، يا مالون.
لقد كشف عن قلقها الذي يغلي في داخلها، فانفجرت تقول
- وهل أن مضطرة إلى ذلك؟أعني ، هل من الضروري أن .... أن تشاركني غرفتي ؟
- هل لديك بديل أخر؟
أجابها متجاهلاً واقع انها هي التي تشاركه غرفته التي يشغلها كلما جاء إلى بيته.
- يبدو أنك لا تملك حلاً.
أجابته ، مدركة أنه بحث مثلها في كل الاحتمالات للعثور على حل لا يكدر اخته التي عانت بما في الكفاية، وقال بحرارة
- كنت مفعمة بالطيبة ويبدو أن اضطرارك لمشاركتي السرير هو المشكلة و.....
فهبت واقفة :" كفى يا هاريس، من قال إنني سأشاركك سريرك ؟ يمكنك ان تأخذ غطاء السرير، فقد يساعدك على التخفيف من صلابة الارض".
شعرت بسرور وهي تقول له هذا الكلام. لكن شعورها الضئيل بالانتصار لم ير النور أقل ما كانت تنتظره منه هو تكشيرة ن ولكن ما حصلت عليه هو ضحكة
- ياللفتاة ، انت قاسية القلب.
ولكن ، عندما اقترب منها ونظر في عينيها الجميلتين لم يكن يبتسم وهو يطمئنها جاداً
- انت في أمان معي ، يا مالون، أنا لست مثل فيليبس ، او صديقك السابق، أو أي رجل آخر من معارفك .
كانت تعلم ذلك ولكنها قالت بحدة
- مازال عليك أن تنام على الارض
ثم رأن انه من الافضل أن تتبع فاي وتصعد الى غرفتها ، فألقت عليه تحية المساء ثم خرجت بسرعة من دون أن تسمع اجوابه .
في غرفته، التي كانت هذه الليلة غرفتها، استحمت بسرعة وارتدت قميص النوم . ألقت بغطاء السرير على الارض ، ولما رأت انه تكوم بغير انتظام، حثها ضميرها على ان تتقدم وتبسطة على الارض فمسدته بيديها . كانت الارض بصلابة الصخر! حتى عندما وضعت تحته بساطاً، لم يتغير الوضع كثيراً. قست قبلها الرقيق فهو لن ينام معها في السرير نفسه .
بعد أن وضعت وسادة على الارض، صعدت إلى السرير، لتتغطي بملاءة واحدة في تلك الليلة الحارة . في الواحدة صباحاً كانت مستيقظة لتتأكد من أن هاريس لن يشاركها السرير ، ولكنه لم يكن قد حضر .
عندما ابتدأت تعتقد أنه قرر ان ينام على الاريكة في غرفة الاستقبال، ليخبر فاي بعدها انهما تخاصما أو ماشابه ... تناهى إليها صوت هاريس في الغرفة .
كان ضوء القمر يتألق في الغرفة ، ومع هذا ، أغمضت مالون عينيها مركزة على أن يبدو تنفسها منتظماً، كانت شديدة الإحساس بتحركاته الرشيقة في انحاء الغرفة ، وسرت عندما تبينت أنه رأى ( فراشه الارضي) دون أن يصطدم بشيء
- تصبحين على خير.
قال هذا ليعلمها انه يدرك انها مستيقظة ، فلم تجب ، لكنها نامت والابتسامة على وجهها
استيقظت شاعرة بالبرد، نظرت إلى الساعة فرأت انها الثالثة وعشر دقائق، نظرت إلى مكان هاريس . كانت تشعر بالبرد.. وهو لديه الغطاء. سمعته يتململ ، وتكهنت بأن الارض أصبحت أكثر صلابة .
بعد ذلك بعشر دقائق، راح يتململ ، فأدركت أنه لم يكن نائماً . باتت قريبة من التجمد . وتسألت إن كان هو أيضاً يشعر بالبرد .
- أعطني وسادتك .
تكلمت بهدوء خوفاً من أن يكون نائماً . ولكن ، بعد لحظة استقرت وسادته قربها . نزلت من السرير ثم وضعت الوسادة في الناحية السفلى من السرير، ونامت تحت الملاءة.
ابتلعت ريقها، لقد خانتها شجاعتها ، ثم ارتجفت وقرر عقلها أن الامر كله زيف وكذب .. فهي تثق به تماماً . وقالت بصورت منخفض كيلا توقظ فاي المسكينة التي قد تكون نائمة :" ضع وسادتك في اسفل السرير إذا شئت أن نتشارك الغطاء".
سمعته يتحرك، ثم وضع الغطاء فوقها ، وعندما أوشكت أن تغير رأيها ، حذرها هاريس بصوت متوعد :" إذا وضعت علي إصعباً واحداً ، يا مالون، فسأقيم البيت واقعده بالصراخ".
ماذا يمكنها أن تفعل؟ خنقت ضحكتها وقالت بصوت كالفحيح
- فوق الملاءة
- أعتذر لسيادتك .
وامتثل مطيعاً
إنها تحبه . اخذ سعورها بالبرد يخف ، فنامت . واستيقظت مجفلة لتجد أن الفجر قد بزغ وان شيئين متزامنين قد ايقظاها، الاول هو صوت قرقعة فناجين والثاني شعوها بهاريس يدخل تحت الملاءة ... وليس أسفل السرير حيث ينبغي أن يكون.
- إنزل ....
وسرعان ما غطت يده فمها لتسكتها. أخذت تتلوى بعنف لتبتعد عنه ، وهمس بسرعة
- فاي عند الباب ومعها صينية الشاي.
تأوهت ساخطة بعجز بينما أبعد يده . لكنها، لم تعتد ان يراها أحد في الفراش مع رجل ، لذا دست رأسها تحت الغطاء عندما دقت فاي الباب بلطف ودخلت .
- أنا نادلة سيئة
قالت فاي ضاحكة تعتذر، لكن مالون لم تسمع جوابه .. فقد تحول انتباها فجأة إلى مكان آخر عندما وضعت يدها على صدره وكأنها تدفعة عنها.
- هل ستكونين على مايرام؟
سمعته يسأل أخته، لكن مالون لم تسمع رد فاي هذه المره. ولسبب ما وجدت أصابعها تحتك بصدره، وإذا بها تشعر برغبة عنيفة في أن تدنو منه لياخذها بين ذراعيه . لكنها لن تفعل هذا خصوصاً أن فاي في الغرفة .
بدا الامر وكأن فكرة شيطانية قد استحوذت على مالون. على كل حال ، لم يكن لها يد في هذا الوضع .
كانت مستغرقة في أحلامها فصدرت عنها شهقة عندما انكشف الغطاء عن راسها فجأة ، وسمعت صوت هاريس يقول بهدوء
- ما ذا تفعلين؟
وانتفى ذلك الشعور الشيطاني الذي تملكها ، فسألته وهي ترتعش
- أين ... أي فاي؟
- أصبحت الان في طريقها إلى لندن
- آه ، آ......أسفة
كان هاريس مستلقيا يحدق إليها فقال وكأنه قرأ أفكارها
- وما هو شعورك لو تحرشت أن بك ؟
وعندما التهب وجهها واخذ نبضها يتسارع ، قال معتذراً
- آسف، لم استطع مقاومة ذلك، من الافضل أن ينهض أحدنا.
قفز الاثنان من السرير في الوقت نفسه .. فاصطدما ببعضهما
صرخت لكنها لم تكن صرخة الذعر، رغم انها افترضت انه حسب ذلك لا ن هاريس اخذ يهدئها قائلا :" هششش. .... انت بخير".
أخذ يبتعد عنها فرفعت مالون نظرها إليه واذا بشعور غريب يتملكها
فقالت له صادقة :" انا لست قلقة ".
- أنت رائعة .
قالها باسماً ثم تراجع قليلاً. وعندما نوت التراجع هي أيضاً، كان الاوان قد فات .
كان عناقا مختصراً . وتراجع الاثنان ، وهما يحدقان في بعضهما البعض .ولم تشعر بنفسها إلا وهي تتقدم نحوه ، وإذا بها بين ذراعيه حيث لطالما تمنت أن تكون. لم تستطع أن تمنع نفسها من أن تحيطه بذراعيها، وعندما احتضنها، ، ازدادت اقترابا منه ، وشعرت به يدفن رأسه في عنقها ، وشعرها كانت تحبه ، والحب يملأها بالأشواق وهي تلامس بيديها الرقيقتين، كتفيه العريضتين . عانقها مره آخرى ، وهو يتمتم :" أنت رقيقة للغاية ".
تملكتها البهجة لكلماته ولقربه منها .
وعندما تراجع لينظر في عينيها ، لم تستطع إلى ان تبتسم .
آه يا حبيبي ... فكرت في ذلك والبهجة تغمرها
عندما قبل دعوتها الصامته وانحنى ليعانقها مره أخرى، شعرت بيدية تضمانها بقوة .
تأوهت مبتهجه ، وعانقته وجذبته إليها . بات عناقه أكثر عنفاً . شعرت بيديه تلامسان شعرها فابتسمت وقلبها يخفق ... إنها تحبه وهذا كل مايهم .
عندئذ ، شدها إلى صدره وهو يتمتم، ملامساً ملامح وجهها :" يا حلوتي مالون".
شعرت ببهجه فائقة وتسارعت خفقات قلبها. أرادت أن تعبر عن حبها ، فهي تحبه كثيراً وقد ازداد حبها له مع الايام .
- هريس.
نطقت باسمه بصوت أجش، شاعرة بالخجل فجأة
- مالون؟
استجاب لسؤال الصامت قي صوتها
- أنا...
ثم ابتسمت وهي تقول :" أظنني بحاجة إلى بعض الوقت".
وعلى الفور ، تمنت لو انها لم تقل هذا . لان هاريس نظر في عينيها ، وإلى شعرها الاشقر وخصلاته الكثة المحيطة بوجهها ، واذا به يجمد فجأة ، ويحول نظراته عنها ، متأوها بلهجة معذبة
سألته بارتباك بالغ :" مالذي قلته لك ؟"لكن هاريس تركها ، دافناً وجهه بين يديه ، وهو يتأوه :" قلت أنك ستكونين معي أمنه".
لكنها لم تشأ الامان :" هذا ...."
- مالون ، لا تتكلمي .... فقط ادي لي خدمة ، وابتعدي عني ... الآن.
قال بصوت منخفض وهو يصر على أسنانه
- اتريدني أن أخرج..
- الآن !
كرر ذلك بإلحاح ، لكنها لم تشأ أن تخرج .
واتضحت لها الحقيقة ... الحقيقة الباردة ، التي لم تشأ أن تواجهها .. فهاريس لا يحبها ، وهو لم يتظاهر قط بحبها، لان كل الحب كان من جهتها !
عاد يتوسل إليها :" أرجوك ، يا مالون، اذهبي الان!"
جذبت مالون نفساً مرتجفاً فهي لا تريد أن تذهب ، لكن هاريس يريدها أن تذهب . انه لا يحبها. جرت نفسها بعدياً عنه وهي تقول بصوت أبح
- أعتبر الامر قد انتهى.
ثم هربت ،دخلت غرفتها و رأسها يدور ، كانت تعلم أن بإمكانها أن تثق به ، ولكن ما هزها في الاعماق ، ان احداً لم يخبرها أن عليها ألا تثق بنفسها
7-- العذاب إذا ابتسم
كانت تلك الجملة تهز كيانها وهي تستحم، محاوله أن تتمالك اتزانها ( بإمكانها أن تثق به ولكن ليس بإمكانها ان تثق بنفسها) آه يا هاريس........ هاريس ماذا فعلت؟
كانت مالون تحاول ان تتماسك، بعد أن انهت حمامها و ارتدت ثيابها وأصبح عليها أن تواجه الحقيقة البعيضة .. لقد حان وقت الرحيل ، ولكنها لم تعد تريد أن ترحل .
كانت تعلم انها كانت في حالة سيئة، لدى قدومها إلى هذا المنزل ..... ويبدو ان رولاند تعود تحطيم النساء .. لكنها بخير الان، وعليها ان تشكر هاريس لذلك لقد اخترع عملا لتلك التعيسة الممرغة بالاوحال التي رآها تسير تحت المطر المنهمر،وابتدأت معه رحلة علاجها.
حسنا لد جعلت هاركورت هاوس مكانا صالحا للعيش فيه، لكن بقاءها هنا ليس ضرورياً ، فإذا حضر الاثاث أو أي شي آخر ، هناك دوما العمال الذين يمكنهم أن يتسلموا المهمة ز غادرت مالون غرفتها بقلب حزين بعد ان تاخرت فيها قدر الامكان تملكتها الكثير من المشاعر بالنسبة إلى لقاء هاريس مره اخرى، وبعد ذلك يمكنها ان ترحل فلا تراه ثانية ، لكنها متلهفة إلى رؤيته الآن ولو مره واحدة .
تملكها الذعر من ان يكون هاريس قد رحل ، غير انها لم تسمع سيارته فأسرعت تهبط السلم إلى المطبخ ، كانت سيارته في الخارج .. وكذلك هو رباه،مازال الوقت مبكراً لكنه على وشك الرحيل.
ازدردت مالون ريقها بصعوبه، انها متلهفة إلى الخروج لرؤيته.. بإمكانها أن تخبره أنها راحلة لكنها شعرت فجأة بأنها مشلولة لأنه كان عائداً إلى الداخل
شعرت بلهفة إلى الاختفاء ولكنهاتتوق للإتصال به . عندما دخل المطبخ كانت ملامحه رزينه وعندما نظر إليها ، ابتسم فجأة وسألها:" هل انت على مايرام يامالون؟"
فكرت بأنها محطمة تماما ، لكنها أجابت ببشاشة
- بأتم خير
واعترها اضطراب بالغ، حتى قبل أن يتابع هاريس حديثه :" انت تعلمين أن ...... ترتيب البارحة لم يكن مفروضاً به أن ينتهي على هذا الشكل....."
وسكت فجأة ، وبدا لها أن هاريس الواثق عادة من كل شيء، بات مضطراً للتفتيش عن الكلمات المناسبة ثم قال فجأة وقد تلاشت ابتسامته
- هل أذيتك؟
أواه ، يا هاريس ! رق قلبها لحساسيته المفرطة ، ثم قالت تطمئنه :" ولا مثقال ذرة ! عدا......"
واخذت عيناه تتفحصان وجهها بسرعة
- عدا عن انك اعدت إيماني بالرجال
قالت هذا شاعرة بأنها مدينة له فهتف بدهشة
- أنا فعلت هذا ؟
تنفست بعمق لتشجع نفسها ثم قالت بصراحة :
- انت علمتني هذا الصباح ان الرجال ليسوا مثل زوج أمي وابنه أو حتى كيت مورغان أو رولاند فيلبيس و .....
- آه يامالون ، هل يعني ذلك أنك تثقين بي حقاً؟
- طبعاً.
أجابت دون تردد ثم ابتسمت ، ولكن رغم صراحتها معه ، لم تخبره بالحقيقة التي اكتشفتها.... وهي انها لم تعد تثق بنفسها . ثم قالت مقرة
- الذنب ذنبي رغم انني كنت أنوي أن استيقظ منتعشة باكراً
- وكذلك أنا. يقع اللوم إذن علي الساعات الارقة التي سبقت ذلك، فلولا قرقعة فناجين الشاي ،لكنت نائماً حتى الآن لذا لا يمكنني أن أعبر لك عن مبلغ ندمي لأنني .... تجاوزت الحد.
أرادت أن تقول شيئاً مرحاً ، ولكن الكلمات التصقت في حلقها ، وهكذا جذبت نفساً عميقاً لتخبره بما تريده :" هاريس ، أنا......."
لم تقل أكثر من ذلك لانه ، كما لو انه تكهن بما تحاول أن تقول ، قاطعها
- وهل هذا يهم ؟
- يهم ؟
- أن تفكري في أن تتركيني؟
آه يا هاريس! كانت تعلم انها ضعيفة . حتى وهي تعلم انه لم يكن يسأل عن هجرها له بل عن تركها الخدمة كانت مالون تصغي إلى قلبها وليس الى عقلها
فاجابته بمرح :" أي نوع من الفتيات تعتبرني؟
- هل ستبقين
- طبعاً
بداعليه الارتياح :" جيد".
بدا وكانه سيتقدم ليقبل وجنتها، لكنه غير رأيه وقال :" من الافضل أن انصرف".
ومنحها ابتسامة حارة ثم استدار .
وعندما خرج ، تهالكت على كرسي المطبخ . كانت ضعيفة حزينة ، كان عليها أن تخبره بأنها لن تبقى هنا ، لكنها تحبه.......
وامضت مالون اليومين التاليين مدركة أن هاريس يحتل أفكارها طوال الوقت ، وهو أول ما تفكر فيه عندما تستيقظ صباحاً، وآخر ما تفكر فيه ليلاً
كان هاريس يحتل ذهنها ، حتى وهي تتحدث مع العمال.
تساءت عما إذا سيحضر في العطلة القادمة ، وتدربت على تأدية دور الموده معه عندما تراه مره أخرى . يجب ألا يعانقها مره أخرى و إلا ستضيع . ولكنه لم يظهر لهفة إلأى ذلك قبل أن يرحل نهار الاربعاء الماضي .
نهضت من سريرها يوم السبت ، مصممة على ألا تجهد نفسها في الانصات على هدير سيارته كما فعلت أمس . وفي العاشرة ، خرجت لتتمشى ز ولكنها سرعان ما عادت .. قد يصل هاريس وهي خارج البيت! لم يكن قد وصل بعد ... في الواقع لم يحضر أبداً . أوت إلى سريرها في تلك الليلة بعد أن عنفت نفسها بحدة .
استيقظت مالون في الصباح فاستحمت وارتدت ثيابها ثم هبطت السلم إلى الاسفل لتبدأ نهارها ، نابذة هاريس كويليان بحزم من أفكارها. لديها عمل أفضل من ان تدور في أرجاء المكان تفكر برجل لا يزعج نفسة بالاتصال ليخبرها انه لن يحضر.
ثم خرجت لتتمشى مره أخرى..
قررت أنها لن تسرع اليوم في العودة ، كما فعلت أمس ، وتجاهلت السير في الطريق، مصممة على التنزة في الحقول .
وبعد ساعتين ، عادت إلى البيت متمهلة ، لقد سرها خروجها من البيت ، فقد جمعت ملء ذراعيها من الازهار البرية والاعشاب وهي تفكر في التألق الذي ستضيفه على غرفة الاستقبال.
فتحت الباب الامامي شاعرة انها لم تفكر في هاريس مره واحدة على مدى عشر دقائق كاملة ، وتوجهت إلى المطبخ لتحضر زهرية تنسق فيها الازهار لم تكد تتجاوز الباب حتى سمعت أصواتا قادمة من غرفة الجلوس .
توقفت ، وخطر لها أن تدخل باسمة ... فقد جاء هاريس. ولكن يجب أن تمحو ابتسامتها عن شفتيها واذا كان هاريس قد احضر اخته لتنام الليلة هنا... فلا سبيل للمشاركة مره آخرى ، شعرت فجأة بالخجل ، رغم انها كانت تجاهد لتسبغ حولها جواً من الحياد سارت وفي نيتها ان تطل برأسها من الباب محيية ، واذا بهاريس يخرج من غرفة الجلوس
إحمر وجهها ، ورأته ينظر إلى وجهها الوردي ، ثم قالت برقة
- هاريس ، لم أتوقع مجيئك اليوم .
- هل الامر يزعج ؟
سألها وفي عينية دعابه ، فأجابت :" أبداً ، هل فاي معك ؟
هز رأسه نفياً وعندما نطق بكلمته التالية انهار عالم مالون
- لقد أحضرت فيفيان .. أدخلي وتعرفي عليها.
فيفيان !! لم تعرف مالون كيف استطاعت أن تخفي صدمتها . لم يسبق أن قال إن لديه صديقة، ولم يخطر في بالها قط أنه سيحضر معه امرأة إلى هنا
ابتسمت ورافقته إلى غرفة الجلوس، لم تكن تريد ان تتعرف إلى فيفيان .
كما توقعت مالون ، كانت صديقة هاريس أنيقة لا يشوبها عيب. فهي سمراء تناهز الثلاثين.. من النوع الذي لا يعترف بسوى أزهار الاوركيديا ، ترى كيف تبدو مالون ، وهي تحتضن ازهاراً برية ؟
قدم هاريس احداهما إلى الاخرى بسهولة وظرف وهو يضيف
- لقد جعلت مالون المنزل بيتا حقيقياً بلمساتها الانثوية .
ونظرت مالون إلى أرجاء الغرفة بأرضها الخشبية العارية إلى من قطع السجاد ، فودت لو تضربه.
ردت باسمة :" من الافضل أن أضع الازهار في الماء".
كان شعر فيفيان مسرحا بعناية بينما كانت مالون قد تسلقت السياج ودارت في الحقول لتجمع الازهار والاعشاب ارادت ان تخرج من هنا بأقصى سرعة فقالت
- أتريدان قهوة؟
اجاب هاريس
-حسن جداً ، سأرافق فيفيان لأريها بقية المنزل.
لم تستطع مالون بلوغ المطبخ بسرعة كافية
بحركة ألية ، أخرجت المزهرية وملاتها بالماء بينما كانت الغيرة تنهشها بسهامها الحاقدة . مالذي جعله يحضر تلك المرأة إلى هنا ؟ رباه ، اه يريها البيت ، كيف يمكنه ذلك ؟
اعترفت مالون في سرها أن لدى هاريس كل الحق بإحضار من يريد إلى بيته وهو شي لا علاقة لها به.
كانت تصب القهوة عندما سمعت وقع خطاهما على خشب الارضية العاري في الطابق الاعلى ، مالذي يفعلانه هناك كل ذلك الوقت؟
واخيراً نزل هاريس ورفيقته السلم واحضرها إلى المطبخ ، صبت مالون ثلاثة فناجين ، وعندما جلسوا يحتسون القهوة ، سأل هاريس فيفيان رايها بالمطبخ قائلاً
- معظمة من تصميم فاي.
وبشكل ما، استطاعت مالونان تبقي ملامحها هادئ، يبدو ان فيفيان تعرف فاي، هل يعني ذلك ان فيفيان هي حيبية هاريس منذ مده طويلة ؟
رأت مالون أ هذا الحل هوالارجح ربما كانت فيفيان هي التي يمضي معها هاريس العطل الاسبوعية التي لا ياتي فيها الى "هاركورت هاوس"
وبما أن فاي تعتقد أن مالون خليلته ، فلابد انها تعرف فيفيان بشكل سطحي وليس لديها فكرة عن جدية العلاقة بينهما ، ولكن...
- ومارأيك يا مالون؟
نظرت مالون إلى فيفيان وأدركت أن المرأة تسألها رأيها في المطبخ .
- أظن أن عمل فاي كان رائعاً.
أجابت مالون بذلك ، ثم اكتشفت، عندما اشارت فيفيان إلى واحد أو اثنين من أجهزة المطبخ التي يمكن استبدالها ، ان المرأة مستعدة للإنتقال إلى هذا البيت في أي لحظة .
عندما اشركتها فيفيان بالحديث مع هاريس، وجدت انها كانت لتحبها في ظروف أخرى لكن هذا لا يعني انها ستبقى هنا إذا صممت فيفيان على البقاء الليلة .
سألتهما ، أولاً، لانها ابتدت تشعر بموده نحو المرأة ، وثانياً ، بدافع التهذيب إن كانا سيبقيان لتناول الغداء، حدقت فيها تلك العينان الدافئتان الرماديتان، وعندما أخذ قلبها يدق حول نظراته عنها بسرعة، لتستقر على فيفيان،وفي لحظة جنونية ، خيل إلى مالون أنه نسي وجود فيفيان هولمز و لإثبات جنون فكرتها ، ابتسم لفيفيان واجاب عنهما معاً
- لا أظن ذلك ، أظننا سنذهب الآن، هل رأيت ما يكفي يافيفيان؟.
كان جوابه ، يوضح كل شي . عندما ينتهي العمل في المنزل ، ستنتقل فيفيان معه إلأى هاركورت هاوس.
كانت مسرورة لذهابهما إلى حد انها ابتسمت وهي تودعهما ، لم يكن هاريس يفكر في مالون عندما طردها بقوله ( أرجوك يا مالون، اذهبي الآن) بل كان يفكر بحبيبته فيفيان.
لم تقاول إلقاء نظرة على هاريس وهو يمر بجانب نافذة المطبخ ثم سارعت إلى إدارة ظهرها ، فلو حدث ونظر ، سيرى أنها قد نبذتهما من ذهنها ، وان انتباهها كان موجها إلى خزانه المطبخ لتبحث عن شي ما .
صحيح أن مالون لم تكن نتظر من النافذه إلا ان اذنيها كانتا مرهفتين تصغيان إلى هدير السيارة الذي ينبئ بابتعادها ، عندئذ فقط ، يمكنها أن تتخلى عن حذرها.
رغم إصغائها وفروغ صبرها لرؤيتهما يذهبان إلى انها لم تسمع هدير محرك سيارة ، بل سمعت وقع خطوات .. فجمدت مكانها إنهما عائدان ..
استدارت تواجه باب المطبخ ، شاعرة بالخوف لانه لم يبق لديها ابتسامة تمنحها لهما ولكن ، لا . لا بد أن فيفيان تنتظر في السيارة ، لان هاريس كان قادماً وحده نحوها .
دخل واقترب منها حتى لم يبق بينه وبينها سوى مسافة قدمين ، ثم توقف . جمدا بصمت يحدقان ببعضهما . سمر هاريس نظراته عليها ، بينما شعرت مالون بجو من التوتر بينهما ، وانها لم تتخيل ذلك وجاهدت في كسر هذا الصمت .. لكن حلقها أصبح فجأة جافاً فخرج صوتها مبحوحاً وكانه يختنق
- هل .. هل نسيت شيئاً؟
نظر هاريس في عينيها العميقتي الزرقة ، وقال بهدوء
- يبدو انك في مز