نجمة تنطفئ مع زمن من كل الجهات قادم يزرع السنين في خلايا أجسادنا، ثمة أضواء خافتة... توشح ليلتنا بستائر من خوف وفرح مفتعل ونسيان عمر.. تتسلل عبره الأيام إلى قلوبنا المعبأة بالمحبة، وتنتزعها قطرة قطرة.. وحبة حبة.. فينكسر الوهج على عتبات السنين وتسقط من الذاكرة كل الوجوه الجميلة لتظل حرارة الحقيقة عارية بكل قسماتها المؤلمة...
إنها غصة العمر واجتياح الشوق الخافق يعانده دفء الصبا، آه يا دفء الفصول... أصابع الزمن الممتدة إلى مفردات البرد والصقيع لتصنع رقصة من جديد الفصول، تشتعل ضوءاً، تطفئ نجمة، تقتل وردة وطفلا... تجتاح شعبا، وتنثر في الأرض جوعا وعلى البيادر المنتشرة في كل اتجاه جثثا.. تستمر الرقصة دما ينزف... وردا وزهرا وحبات دموع وبعض نار، ويمضي الوهج الصادق في صدورنا، ويضيع قرص الشمس في آفاقنا... إذ لا شيء غير الريح تتساقط معها الأوراق قبل مجيء الخريف.. خريف النزوع إلى الجراح التي تنسكب واحداً واحداً لتشكل شرخا في فصول الزمن كلها... فمن أين للفصول أن تنتظم، وجوع الأطفال يرتسم على الوجوه، ودماء الكبار والصغار تغير طريق من يزرعون القهر في صدور البشرية: يمضون إلى نوازعهم المعبأة بكل مفردات القسوة واللاإنسانية إلى اللا حضارة التي يدعون أنهم من صنعوها..
أيها الزمن... ماذا تعني الحياة عندما تلغم لقمة العيش، ويصبح نسيم الأرض دخانا وينتشر الصقيع على الشرفات وفي الشوارع.
ماذا أقول أيها الزمن؟... والكلمات راعشة يزينها صمت أو ما يشبه الكلام، يؤطرها القلق وتتبعها المفردات والمعاني...
أخشى أن يموت كل شيء اسمه الحب، في زمن تنمو فيه عملية الزحف... زحف النباتات الممتدة على أطراف الأنهار دون فائدة... وزحف الديدان على مساكب الخضرة والعطاء.. زحف العاصفة على الأشجار... وزحف الناس على البطون إنه زمن القطيعة... زمن قتل الوعد الحميم مع الحب زمن ارتعاشة الجسد في كل الفصول... إذ لا صوت في ترتيلة في صوت... والوجوه زائفة والعيون تنظر بحسرة إلى يدين تحملان وردة وسكينا... ثمة وردة في يد وسكين في اليد الأخرى فهل لزمن تشابكت فيه الأضواء أن يجمع بين الوردة والسكين....