عندما يشعر الانسان بفراغ كبير بحياته ينظر تارة الى الشرق وتارة الى الغرب , يريد ان يملأ هذا الفراغ , لا يستطيع ان يجعل فراغا بحياته الا من رحم ربي , فعندما كنت جالسا على مكتبي اكتب ابياتا من الشعر , تحدثت قليلا مع نفسي وسرحت بخيالي اللامحدود , كنت اوصف من يعجز الوصف عن وصفه , فجاءني اتصال مباشر , رفعت سماعه الهاتف , اذ واسمع صراخا مزعجا , شتت انتباهي , مزق تفكيري , تحدثت اليه عبر الهاتف الو ... الوو ... فلا مجيب , انقطع الصوت فجأة وكانت حرارة الهاتف تدلل على ان الاتصال ما زال متواصلا , فجأة سمعت صوت صراخا وشهيقا قويا وزفيرا فاحسست ان روحا خرجت لباريها , احسست برهبة في قلبي , فلم ادري اهل اقفل خط الهاتف وكأن شيئا لم يحصل .., ام افضل متمسكا بالهاتف اسمع كل ما تستطيع ان تختطفه اذناني من همسات وكلمات , فجأة ..! طرق باب البيت , ذهب لافتح الباب فاني اسمع نفس الصراخ الذي سمعته على سماعه الهاتف , تفاجأت , اصبحت اعيش كابوسا غريبا , اهل انا بحلم ام بخيال , هل اعيش اخر فترات حياتي ام انني للموت لا محال , نظرت يمينا ويسارا ... لم اجد احدا طرق الباب , ذهبت مسرعا خائفا , ناديت بعالي صوتي ... من هنااا , لم يجبني احد , دخلت البيت وقبل ان اوشك على قفل الباب , اذ واسمع نفس الصوت , داهمني شعور الخوف والرهبة , وضعت كفتا يدي على اذناي وجلست في زاوية البيت مرتجفا , اخشى ان تكون نهاية المطاف لهذه الحياة , جاءني تفكير سرعان ما ذهبت لاحققه , ذهب الى المكتب جلبت ورقة وقلما وكتبت ما كنت اسمعه ودونته ووضعت بصمتي عليه , وبعدها نظرت الى السماء , ورفعت اصبع السبابة لانطق الشهادتان , فما ان انتهيت , واذ وقطعة نار تاتي من سقف البيت تحرق ما دونته , عشت اصعب ايام حياتي , تأكدت تماما اني سوف اموت , فقلت لا يعنيني الا ان اموت مسلما , فنطقت بالشهادة وتلك الاصوات التي اسمعها لا تفارقني , ولحظة تلو الاخرى تقترب مني اكثر فاكثر , حتى جاء نورٌ باتجاه باب البيت الذي ما زال مفتوحا , فنظرت اليه , وجدتها فتاة ذات سحر وجمال , اذا نظرت اليها اسرتك رؤيتها لا تريد ان تفارق عيونك جمالها رغم ما يحيطك من آلام ومواجع , تبسمت لي وتبسمت لها , بدأنا بالكلام بنظرات العيون شعرت باني تائها بهذا الجمال ونظرات العيون التي لا تعطي فرصة لبشر بان يغير مسار نظره عنهن , وفجأة فتحت شفتاها ورأيت بياض انيابها , وجمال اسنانها , فاقتربت مني فاغمضت عيوني لاسمع او ارى ماذا تريد ان تقول او تفعل لي , فاذا بها تهمس باذني , يا لرائحة المسك التي تفوح منها , وهواء فمها عندما تتحدث لي كان اشبه بنسيم ٍ اذا جاءك ارتعشت فرحا , فهمست قائلة باذني : اني انا الحور العين , فتحت عيوني قليلا , فلم اجد احدا , تمنيت الموت لما رايته من صعوبات وقهر احاطني , ذهبت لسرير مسرعا , وضعت على نفسي غطاءً ثقيلا , وحاولت ان انام وتمنيت النوم للابد , فلم اعرف طعم النوم , بدأت افكر ماذا فعلت وماذا وماذا , لم ادري ماذا فعلت بحياتي لارى مثل هذا , وبقيت على حالتي حتى سماع صوت اذان الفجر , فاني شعرت براحة ملأت قلبي , ذهبت لأحضر نفسي لصلاة الفجر , فتحت صنبور الماء لأتوضأ لم أجد نقطة ماء بالصنبور , بدأ الخوف يداهمني , ولا اسمع أي صوتا سوى صوت حركات خطواتي , وفجأة سمعت صوت خرير المياه , فافزعني , نظرت اليه , رايته يجري كنهر ٍ جار ٍ , ذهبت مسرعا لاغلق صنبور المياه , فلم يرد ان يغلق فاحسست بانزعاج كبير , حاولت اغلاقه بأي شكل , لم اعرف كيف , وفجأة ... خرج الصنبور بيدي وبدأت الماء تملأ المنزل , لم اعرف ماذا افعل , فقلت لا بد الا ان البيت يسكنه جان , فخرجت مسرعا اريد ان افتح باب البيت , لم يرد ان يفتح , بدأت بالصراح , ولا احد يسمعني , تحطمت جميع قواي , واعطيت ظهري لباب البيت وجلست تحت باب البيت محطم الآمال , مقهور الحال , بكائي بعيوني يخجل الخروج , وانفجرت دموعي على حالتي , وعندما بكيت الا وباب البيت يفتح , فكدت ان اقع فذهبت مسرعا لانقذ نفسي واذهب للمسجد الذي يبعد عني 300 متر , وانا اجري اريد ان اصل للمسجد , لاني واثق ان المسجد طاهر لا تسكنه جان , وانا اجري بعتمة الليل الدامس ... ولا ضوء سوى ضوء القمر الذي كان بنهاية الشهر الهجري , كان همي الوحيد ان اصل للمسجد لاصلي فيه , وانا أجري وجدت شخصا يجري موازاة ً لي , سالته من انت فلم يجب , فبقيت مسرعا اركض حتى ان اصطدمت بعامود لا اعرف كيف اوصفه , لا لون له , فهو كالشفاف , طويــل يصل الى السماء , فقلبي لم اشعر الا وان صابه سكون , حاولت ان ابعد عن هذا العامود فيلحقني , اريد ان اغير مساري , فلا اعرف , حتى حاصرني من جميع الجهات , انظر لا ارى من فوقي سوى السماء التي لا اعرف اهل هي سماء ام انها مجرد اهواء , سالته من انت وماذا تريد , فضك بنفس ضحكته التي خرقت اذني حتى ان ضحكته اجلستني مشلول الحركة ارضا , حاولت النهوض ولكن الخوف لم يجعل لقدماي قوة , وحاولت ان ازحف ولكنني لم استطع , اصبحت اعيش تعاسة فضلت الموت عليها , اقترب مني , رايت وجها عبوسا , ينظر لي , فيا ليتني لم انظر اليه , زاد الخوف بقلبي , واحسست اني بدأت باخر لحظاتي واني انازع والموت يغشاني , اقترب اكثر حتى انني ارتميت ارضا واريد ان اتكلم , لم اعد استطيع الكلام , اريد ان اصرخ لا احد يسمع صوتي لان الصوت لا يعرف الخروج من هذا المأزق , اني بحالة يرثى لها حقا , اقبل هذا الوجه يقبلني ويقول لي بحبك , حتى انني مت خوفا , فاستيقظت على صوت محبوبتي وهي تقبلني وتقول لي بحبك ويا له من حلم , كان يريد ان يدمر حياتي , كرهت النوم لأجله , اني كنت عائما باحلامي , ومحبوبتي تقبلني , اهل هذا عدلا ...!