غزة-النهارالإخبارية
((بخاف كثير لما أشوف أبوي وامى بيتقاتلو وأشوف أبوي يضربها وبضل أحلم بالليل فيهم بيتقاتلوا وبغار لما أشوف صحابي ماجد وحمدي عايشين دون خوف ))
بهذه الكلمات الممتزجة بدموع الطفولة المكللة بالخوف بدأ أحمد تسطير مأساته التي يعايشها يوميا وكل ليلة حينما يقوم مفزوعا على صراخ والدته من آثار الضرب المبرح لها من قبل والده.
وليس وحده احمد من يعيش المعاناة بل أنها تسقط على معظم أطفال قطاع غزة حيث إزدادت هذه المشاكل في الآونة الأخيرة ،نتيجة لجمله من العوامل والمتوجة بالأزمة الإقتصادية التي يعانى منها الغزيين كافة مما ينعكس على الأسر الفلسطينية بالسلب ويجعل المشاكل الأسرية تزركش كل البيوت كما حصل مع الطفل احمد الذي أصبح بتعداد من فقدوا الأمان الأسرى والذي جعل القاعدة التي تقول أن الأسرة هي الحماية للأطفال تتشتت نتيجة الإرباك الذي يعيشه والذي أفقده الأمان .
مراسل النهار الإخبارية نزار المزين إقتنص لحظة بجوار الطفل الأحمد ليسطر في سياق تقريره التالي ما يعانيه معظم الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة من آثار العنف الأسرى وكيف أصبحوا يدفعون فاتورة تدهور الأوضاع الإقتصادية ومجمل الأوضاع المخيمة بظلالها على القطاع الغزى.
ضياع
ويستكمل الطفل عدي سالم حروف القصة التي بدأ بها احمد ليقول:نشعر بالضياع من كثرة المشاكل التي نشاهدها في بيوتنا وأصبحنا مشتتين لا نعرف ماذا نريد .
ويضيف سالم فقدنا الأمان والحنان ولا نرى سوى المشاحنات داخل بيوتنا وإذا لجئنا لأحد أبوينا نراه بأسوأ حالة فنضطر للخروج من المنزل هاربين حتى لا نرى تلك المناظر .
ويتساءل كلا الطفلين أحمد وسالم: كيف لأم تفتقد الحنان والأمان أن تكسبه لأطفالها ؟؟كيف؟؟
أحلام
لكن الطفل صبحي والذي بقى صامتا ويستمع لحديث أحمد وسالم وكأنه يسترجع مشهد المشاحنات التي تدور بمنزله يقول ببساطة وعفوية:يا ليت نغمض أعييننا ونصحو ونجد كل الخلافات داخل أسرتنا قد زالت فيجب إبعادنا عن اى خلاف ويجب على الآباء أن يبعدوا مثل هذه الخلافات عن أعيننا لأننا نعانى وحتى النوم لا ننعم به.
وبعيدا عن أحلام صبحي البريئة تقف الشابة آية أبو شعبان والتي قالت :بالفعل أن العنف الأسري يخلق طفلا عدوانيا وقد يضرب الأطفال في محيطه وفي مدرسته أو قد ينعزل وهذا السلوك الذي يمارس في أسرته سيتعلمه في المستقبل ويصبح سلوكه الدائم ويخلق شخصية غير سوية ناقمة على المجتمع والحياة والأسرة وينعدم مفهوم الأسرة الامنه والحاضنة لديهم
هذه كانت ببساطة أحاديث الأطفال والتي بدأت بمأساة أحمد وانتهت بأمنيات صبحي وتفسيرات أبو شعبان !!لكن ماذا كان دور اخصائى علم النفس والإجتماع إزاء هذه المشكلة وماذا كان دورهم للحد منها؟
خلل
الأخصائية الاجتماعية حنان شلالدة أجابت عن التساؤل وقالت معرفة هذه الخلافات بوجود خلل في العلاقات داخل الأسرة كوحدة،بمعنى انهيار الأدوار الاجتماعية ،وفشل الأفراد في أداء التزاماتهم ،
وتضيف شلالدة :هذه النزاعات والخلافات غالبا ما تكون مؤقتة ولا تؤثر على الأسرة ،والبعض الأخر منها يكون نوع من أنواع الصراع الدائم يهدم العلاقات الأسرية ،وخاصة الخلافات بين الزوجين،التي تؤدي إلى تفكك الأسرة،بشكل عام .
الأسباب
وعن سبب هذه الخلافات تقول شلالدة: الخلافات الزوجية تحدث نتيجة لسلوك احد الزوجين ،مما قد يؤدي إلى الطلاق ويساهم في انحراف أفراد الآسرة وخروجهم عن القيم والمعايير الاجتماعية السائدة،فالأطفال إن عاصروا الخلافات في بداية حياتهم ،فان هذا ينعكس على حياتهم ويجعلهم يدخلون كمؤسسين لأسر مستقبلا وهم يحملون على أكتافهم سلبيات الماضي ،بحيث يخش من أن تتطبع سلوكياتهم برواسب خلافات أسرهم السابقة ،فتؤثر على التوافق الزوجي ،وهكذا تستمر الحلقة لتنتج أسرة مفككة يعاني أطفالها أولا وأخيرا
وتختم شلالدة حديثها وتوضح أن الطفل الذي يعيش حالة من التفكك الأسري ينعكس على شخصيته في المستقبل ،فقد يصبح أبا قاسيا أو سيئا أو شريكا غير ناجح ،وقد يؤثر أيضا على تحصيله الدراسي في مراحله المختلفة إلى جانب انحرافه،فاغلب الأطفال المنحرفون يأتون من خلفية مفككة أسريا ،تضعف فيها العلاقات مابين الأطفال وآبائهم.
فيما تشير سماح الشامي أخصائية نفسية إلى أن الخلافات الأسرية لها تأثير كبير جد ا على تكوين شخصية أبنائنا وتربيتهم ،من ناحية وعلاقتهم مع أهلهم والمجتمع من حولهم .
وتقول الشامي :نحاول التقليل من مدى تأثير هذه الخلافات على الأطفال الذين نعمل معهم ،وعلى علاقاتهم بمحيطهم وزملائهم والمجتمع مشيرة إلى جمله من السلوكيات التي تظهر على الطفل ،الذي يعيش في محيط مليء بالخلافات الأسرية،ومنها اكتسابه لشخصية عدوانية،إضافة إلى سلوكيات مثل قضم الأظافر والتبول اللاإرادي والعزلة،إلى جانب إمكانية إيذائه لنفسه والبكاء المستمر وقد يؤدى سلوك والديه العنيف معه ،إلى جانب إمكانية ظهور شخصية انطوائية للطفل،وميله للوحدة والشعور بعدم الآمان،إلى جانب عدم الثقة بوالديه والمجتمع المحيط،وإيمانه بأنهم غير قادرين على حمايته،
وتوضح الشامي أن ذلك أيضا يؤثر على علاقة الطفل بالأطفال الآخرين ،فقد يضرب أو يسرق أو يتلفظ بألفاظ بذيئة،لغياب النموذج الصحيح الذي يقومه ويرشده،الأمر الذي يعكس نفسه مستقبلا،فمثلا الفتاة قد تشعر بأن زوجها أيضا لا يشكل حماية لها،وينعكس على سلوكها وعلاقاتها،لتصبح علاقة يسودها الخلاف وعدم الاستقرار لأن النموذج الذي تربت علية كان كذلك منوهة أن التأثير قد يمتد أيضا من خلال تكوين شباب منحرفين ليس لديهم هدف في الحياة ولا يعرفون لمن يلجئون .
وعن دور المراكز المتخصصة وبرامجها في معالجة هذه الحالات قالت الشامي : عندما يكون لدينا طفل يعاني من وجود خلافات في أسرته نعمل على التوفيق بين الوالدين ونعمل على توعيتهم بأن خلافاتهم هذه تدمر مستقبل ونفسيات أطفالهم مشيرة إلى وجود برامج للإرشاد الأسري تعتني بفئة النساء والشباب والأطفال .
وختاما وبدورنا كما تعودنا بكل مرة هل تم إدراج بند أن يدفع الطفل الفلسطيني فاتورة الأوضاع المتردية في قطاع غزة ضمن اتفاقية حقوق الطفل الفلسطيني؟؟ وإلى متى سيعيش أطفال فلسطين مرحلة الشيخوخة وهم على أعتاب طفولتهم؟؟