من ينقذ الحب..؟؟
الحب لفظة حلوة تستمال بها القلوب المتنافرة ، وتصفو بها الحياة النكدة ، وتطرب لها الأحاسيس المرهفة ، الحب شعور روحاني ماتع تكبل به القلوب وتسعد به الأنفس ، وتعجز الكلمات الفائقات عن وصفه ، وتهيم الأحرف النيرات إن رامت الإحاطة به ، فلا أدل عليه ولا أبلغ في التعبير عنه من كلمة "حب " ، وإذا ما تأملت ذنيك الحرفين تجد أن العرب قد وفقوا في إيقاع هذه اللفظة على الشعور الذي يخالج أرواحهم فــ( الحاء ) تأتي من الأعماق وتنتهي ( الباء ) بتطابق الشفتين ، فكانت هذه اللفظة ذات دلالة لفظية ومعنوية وهذا واضح لمن تأمله ، وما الحب في حياتنا إلا كالبدر في الليلة المظلمة ، ولقد رعى الإسلام هذا المعنى حق الرعاية فجعل الحب أصلاً من أصول الديانة ، يبدأ بحب الله فحب النبي صلى الله عليه وسلم ويمتد هذا الحب للمؤمنين ، بل جعله من الركائز التي بها قيام العبادات ، وهل حياة الإنسان من ولادته إلى مماته إلا عبادة .
في هذا الزمن الأسيف الذي تغيرت فيه كثير من الفطر وانحرفت فيه كثير من المعالم الإنسانية كان للحب القدح المعلى والحظ الأوفر من التغير والتبديل ، فحاول كثير من محارب الفطرة صرف هذا المعنى النبيل إلى صور شهوانية فحسب وذلك عن طريق الأفلام السينمائية والقصص الغرامية التي جُلب لتجسيد أحداثها الساقطين في الحياة الذين نبذتهم أسرهم ومجتمعاتهم ، لتتلقفهم هذه القنوات وترسم لهم طريق الهاوية ، و أظُهروا للعالم بألقاب الفلاح والسمو وعلقت على صدورهم شارات المجد ونعتوا بالأبطال واعتلوا منابر النفوذ ، لتطالعهم الأعين بلهفة وترقبهم الأنفس بشوق ودهشة ، فترى التزاحم المقيت من الشباب والشابات على دور السينما ومعارض الأشرطة لشراء الجديد لذاك الدعي أو تلك الدعية ، فقصرت معان الحب النبيلة على ضمة فتاة وقبلة فاتنة ومعانقة غانية ، وأصبح الزنا على أعين الملا بمسمى الحب ، حتى إذا ما تلفظت بهذه اللفظة انصرف المعنى لهذه الصور الفاضحة التي رسمها لنا سقطة البشر وسفهائهم .
لا .... معشر النبلاء الحب أكبر من ذلك بكثير ، الحب هو تعانق الأرواح ، وتناغم الأنفس ، الحب باختصار أن تكون مستعداً للتضحية بنفسك في سبيل نجاة محبوبك لا لأنه جميل فحسب ولكن لأنك تحبه - الجمال وإن كان من الدواعي التي تدعوك لحب من اكتسى به إلا أنه لا يعني كل شيء في عالم الحب - فأمك تحبها لا لأنها أجمل امرأة في العالم ولكن لأنها أمك ، أريت أن الحب معناً كبير ....