بســم الله الـرحمــن الرحيــم
4 - توبة موسى عليه السلام
أخبرنا أحمد بن المبارك أنا جدي ثابت أنا أبو علي بن دوما أنا مخلد بن جعفر أنا الحسن بن علويه أنا إسماعيل بن عيسى أنا إسحاق بن بشر أنا أبو إلياس عن وهب بن منبه قال
لما سمع موسى عليه السلام كلام ربه عز وجل طمع في رؤيته فقال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني الأعراف 143
قال محمد بن إسحاق حدثني بعض من لا أتهم قال
قال الله تعالى يا ابن عمران إنه لا يراني أحد فيحيا قال موسى رب لا شريك لك إني أن أراك وأموت أحب إلي من أن لا أراك وأحيا رب أتمم علي نعماك وفضلك وإحسانك بهذا الذي أسألك وأموت على أثر ذلك
قال وأخبرنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال
لما رأى الله الرحيم بخلقه من حرص موسى على أن يعطيه سؤله قال انطلق فانظر الحجر الذي في رأس الجبل فاجلس عليه فإني مهبط عليك جندي ففعل موسى فلما استوى عليه عرض الله تعالى عليه جنود سبع سماوات فأمر ملائكة سماء الدنيا أن يعرضوا عليه فمروا بموسى عليه السلام ولهم أصوات مرتفعة بالتسبيح والتهليل كصوت الرعد الشديد ثم أمر ملائكة السماء الثانية أن يعرضوا عليه ففعلوا فمروا به على ألوان شتى ذوو وجوه وأجنحة منهم ألوان الأسد رافعي أصواتهم بالتسبيح ففزع موسى منهم وقال أي رب إني ندمت على مسألتي رب هل أنت منجي من مكاني الذي أنا فيه قال له رأس الملائكة يا موسى اصبر على ما سألت فقليل من كثير ما رأيت
ثم أمر الله ملائكة السماء الثالثة أن اهبطوا فاعترضوا على موسى فأقبل ما لا يحصى عددهم على ألوان شتى ألوانهم كلهب النار لهم بالتسبيح والتهليل زجل فاشتد فزع موسى عليه السلام وساء ظنه ويئس من الحياة فقال له رأس الملائكة يا ابن عمران اصبر حتى ترى ما لا تصبر عليه ثم أوحى الله تعالى إلى ملائكة السماء الرابعة أن اهبطوا إلى موسى بالتسبيح فهبطوا ألوانهم كلهب النار وسائر خلقهم كالثلج لهم أصوات عالية بالتسبيح والتقديس لا تشبه أصوات الذين مروا به فقال له رأس الملائكة يا موسى اصبر على ما سألت فكذلك أهل كل سماء إلى السماء السابعة ينزلون إليه بألوان مختلفة وأبدان مختلفة وأقبلت ملائكة يخطف نورهم الأبصار ومعهم حراب الحربة كالنخلة الطويلة العظيمة كأنها نار أشد ضوءا من الشمس وموسى عليه السلام يبكي رافعا صوته يقول يا رب اذكرني ولا تنسني أنا عبدك ما أظن أن أنجو مما أنا فيه إن خرجت احترقت وإن مكثت مت قال له رأس الملائكة قد أوشكت أن تمتلئ خوفا وينخلع قلبك هذا الذي جلست لتنظر إليه
قال ونزل جبريل وميكائيل وإسرافيل ومن في سبع سماوات وحملة العرش والكرسي وأقبلوا عليه يقولون يا خاطئ ابن الخاطئ ما الذي رقاك إلى هاهنا وكيف اجترأت أن تسأل ربك أن تنظر إليه وموسى عليه السلام يبكي وقد اصطكت ركبتاه وتخلعت مع مفاصله فلما رأى الله عز وجل ذلك من عبده أراه قائمة عرشه فتعلق بها فاطمأن قلبه فقال له إسرافيل يا موسى والله إنا لنحن رؤساء الملائكة لم نرفع أبصارنا نحو العرش منذ خلقنا خوفا وفرقا فما حملك أيها العبد الضعيف على هذا فقال موسى يا إسرافيل وقد اطمأن أحببت أن اعرف من عظمة ربي ما عرفت
ثم أوحى الله عز وجل للسماوات إني متجل للجبل فارتعدت السماوات والأرض والجبال والشمس والقمر والنجوم والسحاب والجنة والنار والملائكة والبحار وخروا كلهم سجدا وموسى ينظر إلى الجبل فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا الأعراف 143 ميتا من نور رب العزة جل وعلا فوقع عن الحجر وانقلب عليه فصار عليه مثل القبة لئلا يحترق
قال الحسن فبعث الله تعالى جبريل عليه السلام فقلب الحجر عن موسى وأقامه فقام موسى عليه السلام فقال سبحانك تبت إليك الأعراف 143 مما سألت وأنا أول المؤمنين الأعراف 143 أي أنا أول من آمن أنه لا ينظر إليك أحد إلا مات وقيل أنا أول من آمن أنه لا يراك أحد في الدنيا .